انطلقت هذه الأيام بإقليم صفرو كما هو الشان بجل أقاليم المملكة حملات تحسيسية إنسانية تدعو إلى الإشعار بالدفء والأمان بعيداً عن الشارع وقساوة ديمومة العيش فيه، وهي تجربة مولوية شريفة الغرض منها إيداع بمراكز الإيواء والإستقبال والتوجيه الأشخاص الذين هم بلا مأوى والمتشردين من اجل إيوائهم وإنقاذهم من مخاطر الموت، كون أن هذه الحملة ستساهم لامحال في تعزيز الوعي لدى المواطنين بضرورة تشجيع الأطفال المتسولين بالشارع العام على العودة إلى منازلهم ومتابعة دراستهم، وإنقاذهم بذلك من التشرد ومخاطره. لان غالبية الناس مع الاسف يعتقدون أن منح طفل في وضعية تسول بالفضاءات العامة درهما أو أكثر، هو بمثابة حل للمشكل الذي من الممكن أن يخرجه من تلك الوضعية الشادة، بل بالعكس سيزيده ذلك السلوك في الطين بلة وسيساهم أكثر في بقائه رهن وضعية التشبت بالشارع العام وأخذه مهنة عوض المدرسة التي تعتبر وضعه الطبيعي.
وقد تجندت مشكورة لهذه العملية السامية السلطة المحلية بجميع أطرها وأصنافها ورجال الامن والقوات المساعدة ومندوبية التعاون الوطني، ومندوبية التخطيط والوقاية المدنية وجمعيات المجتمع المدني والإعلامي بكل حزم ومسؤولية قائمين بمجهودات جبارة نكرانا للذات وخدمة رائدة للوطن والمواطن.
وتعرف مختلف شوارع مدينة صفرو العديد من المتسولين خاصة بالقرب من إشارات المرور حيث يتواجد من يعمدون إلى التسول تارة، وتارة أخرى الى مسح زجاج السيارات، طمعا في دريهمات من السائقين، وقد باتت هذه الظاهرة تقض مضجع مستعملي السيارات، إذ يفاجؤون بالعدد يتزايد ويانضاف إلى مهاجري دول جنوب الصحراء المنتشرين بمختلف الازقة والشوارع.
ويبدو أنه، وعلى الرغم من المجهودات الجبارة والرائدة التي بدلتها وتبذلها السلطة المحلية والقوات الأمنية والمجتمع المدني والإعلامي، فإن هذه الشريحة الاجتماعية تتقاسم مصيرها المجهول ومعاناتها اليومية، باستثناء مبادرات إنسانية وإن تعددت تظل غير كافية، في غياب اعتماد مقاربة شمولية ومندمجة تأخذ بعين الإعتبار الجوانب النفسية والإجتماعية والإقتصادية، وذلك في أفق تقديم حلول جذرية، أبرزها العودة إلى المأوى الطبيعي المتمثل في حضن الأسرة، أو الإيواء بالمراكز الاجتماعية مع بذل المزيد من الجهود لإعادة إدماجهم في المجتمع ودعمهم ماديا ونفسيا ومعنويا حتى يتحقق المطلوب الذي يرتكن الى الكرامة والأخلاق والمبادئ والقيم.