يوسف وفقير - الرباط
انتقلت المجالس الجهوية لعدول المملكة إلى مرحلة جديدة من التعبئة، بعدما نظمت لقاء تواصليا وندوة صحفية موسعة، يوم الجمعة بالرباط، جمعت ممثلي الهيئات المهنية للعدول، إلى جانب الجمعية المغربية للعدول والجمعية الوطنية للمرأة العدل وعدد من الفاعلين النقابيين المرتبطين بمهنة التوثيق العدلي. وجاء هذا الاجتماع ليعبر عن موقف موحد ورافض لمشروع القانون 16.22 المتعلق بتنظيم المهنة، والذي وصفه العدول بأنه "قانون جنائي أكثر منه نصا تأطيريا".
منذ بداية الجلسة، برز غضب مهني واضح تجاه المشروع المعروض للنقاش، والذي اعتبره المتدخلون صيغة جاهزة لا تحمل أي إرادة إصلاحية، بل تسعى إلى تقزيم دور العدول وتقليص اختصاصاتهم التاريخية. وأجمع الحاضرون على أن النص بصيغته الحالية لا يمكن أن يؤسس لتنظيم معاصر للمهنة، بل يعمق الاختلالات ويفرض تمييزا غير مفهوم بين مهن التوثيق، في تعارض تام مع الدستور ومبادئ العدالة المهنية.
وشددت مختلف التدخلات على أن لغة المشروع أقرب إلى مدونة زجرية، بحكم سيطرة مصطلحات من قبيل "يمنع"، "يتعين"، "يجب" و"يتضمن"، مقابل غياب شبه تام للحقوق المهنية والضمانات التي يحتاجها العدول لممارسة مهامهم. كما اعتبر المتحدثون أن هذه المقاربة المتشددة تسعى إلى التضييق على المهنة والحد من مجال تدخل العدول في المعاملات والوكالات التي ظلوا يشرفون عليها تاريخيا.
كما عبر المتدخلون عن استغرابهم مما اعتبروه تجاهلا تاما للمخرجات التي أسفرت عنها لقاءات سابقة بين ممثلي المهنة والوزارة الوصية، بما فيها المحاضر الرسمية التي تضمنت مقترحات واضحة لتطوير المهنة وتعزيز دور العدول في خدمة المواطنين.
وفي هذا السياق، أكد سعيد الصروخ، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية طنجة ومنسق تنسيقية المجالس الجهوية، أن اللقاء جاء كرد فعل مهني موحد على مشروع وصفه بأنه "غير منصف ومجحف وخطير على مستقبل المهنة". وقال إن النص يكرس التمييز بين المواطنين، ويحرمهم من حرية اختيار الجهة التوثيقية التي يرغبون في التعامل معها، رغم المكانة التي يشغلها العدول في منظومة الأمن التعاقدي بالمغرب.
من جانبه، اعتبر ادريس الطرالي، رئيس المجلس الجهوي لعدول استئنافية بني ملال وعضو المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية للعدول، أن المشروع يشكل تراجعا عن مكاسب ناضلت المهنة من أجلها لسنوات. وقال إن العدول يطالبون منذ عقدين بإصدار قانون عصري منصف، لكن النص الحالي - حسب وصفه -يفرغ المهنة من مضمونها ويحولها إلى ممارسة محاصرة لا تتوفر على أي ضمانات.
وأكدت تدخلات أخرى أن المشروع يفتقد التوازن بين الواجبات والحقوق، ويفرض التزامات ثقيلة دون توفير أدوات العمل أو الحماية المهنية الضرورية، معتبرين ذلك محاولة لتفكيك المهنة وإضعافها تدريجيا، إلى حد وصفه البعض بأنه "إعدام مهني ممنهج".
وأوضح المتدخلون أن المواطن سيكون أول المتضررين من تمرير المشروع، بحكم تقليص الخيارات التوثيقية وخلق نوع من الاحتكار الذي يهدد الأمن التعاقدي والثقة بين المواطن والدولة، مشيرين إلى أن العدول ظلوا تاريخيا ضمانة للشفافية والنزاهة وحماية الحقوق.
وفي ختام اللقاء، طالبت المجالس الجهوية الوزارة الوصية بسحب المشروع وإعادة صياغته في إطار تشاركي يضمن إصدار قانون عادل وعصري، مؤكدين أن رفض النص الحالي ليس رفضا للإصلاح، بل رفضا لمحاولة تهميش مهنة تاريخية وتقويض أدوارها الطبيعية. كما شددوا على أن التعبئة ستستمر دفاعا عن حقوقهم المهنية وعن الأمن التعاقدي للمواطنين.
البوابة بريس - الرباطسجل المغرب انخفاضا لافتا في عدد الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية بنسبة بـ22%خلال الفترة ما بين...
يوسف وفقير - الرباطدخلت نقابة المتصرفين التربويين منعطفا جديدا في علاقتها بوزارة التربية الوطنية، معلنة القطيعة مع ما وصفته بغياب...
اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا
كن أول من يعلق على هذا المقال
احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني