يوسف وفقير - الرباط
أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، أن المرحلة المقبلة ستعرف إطلاق منظومة رقابية أكثر صرامة وإقرار تنظيم جديد وغير مسبوق لعمل مؤسسات التعليم العالي الخاصة، مشددا على أن الحكومة ملتزمة بتنزيل مضامين القانون الإطار باعتباره مرجعا ملزما للجميع، ولا مجال للتراجع عن النصوص التي جرى التوافق بشأنها وطنيا. وأوضح أن هذا القانون وضع المبادئ الكبرى للمنظومة، ولم يأت لتأسيس القطاع الخاص أو غيره من القطاعات.
وخلال المناقشة التفصيلية لمشروع قانون التعليم العالي، اليوم الأربعاء، داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، شدد ميداوي على أن القطاع الخاص "ليس فضاء للربح"، مؤكدا أن التشريع الجديد ألغى جميع التراخيص القديمة وأزال ما كان يحيط بالقطاع من غموض، بهدف توفير رؤية واضحة وضوابط محددة لكل المتدخلين.
وقال الوزير إن أي مستثمر يرغب في تحقيق الربح سيخضع لمساطر دقيقة وشروط مشددة، مبرزا أن المؤسسات الخاصة باتت تعرض تكوينات ضمن "الولوج المفتوح" في تخصصات كالقانون الدولي والحقوق والأدب. لكنه أشار إلى أن هذا القطاع يظل بطبيعته محدودا، لارتباطه أساسا بقدرة الأسر المالية على تحمل تكاليف الدراسة.
وأكد الوزير أن إصلاح القطاع يرتكز على دفتر تحملات دقيق وصارم، يتضمن معايير ورسوم جديدة، ويفرض على الجامعات الخاصة احترام أكثر من 32 نصا تنظيميا سيصدر تباعا، موضحا أن إعداد هذه النصوص سيتم بتنسيق وثيق مع الشركاء الاجتماعيين، وفي مقدمتهم النقابات، لضمان التوافق الوطني حولها.
كما شدد على أن الإصلاح يستهدف إرساء حكامة جديدة قائمة على الشفافية، ومعالجة الاختلالات التي رافقت تطبيق القانون 00.01، الذي افتقر-حسب الوزير- إلى الصرامة والضوابط الحالية. واعتبر أن الحصول على اعتراف الدولة في ظل المنظومة الجديدة سيكون رهانا صعبا بالنسبة للمؤسسات الخاصة.
وكشف الوزير أن الدولة ستلزم هذه المؤسسات بتوفير ضمانات مالية تحتفظ بها السلطات العمومية للتدخل عند الضرورة، حماية للمسار الدراسي للطلبة، مضيفا أن العقوبات المقترحة-رغم الجدل الذي أثير حولها-هي إجراءات تنظيمية وليست ذات طابع جنائي، وتهدف حصرا إلى ضمان جودة التكوين وصون حقوق الطلبة.
وفي السياق ذاته، قال ميداوي إن تعزيز دور الجامعات العمومية سيمر عبر تطوير نموذج "الاستقطاب المفتوح"، الذي ينظر إليه اليوم، حسب تعبيره، بنظرة سلبية وغير دقيقة. وأضاف أن الوزارة تشتغل مع شركائها لجعل هذا النظام أساسيا إلى جانب الاستقطاب المحدود المجاني.
وجدد المسؤول الحكومي التزام وزارته بتطبيق القانون الإطار الذي حدد نسبة القطاع الخاص بين 15 و20%، مشيرا إلى ضرورة بلوغ هذه العتبة تدريجيا وباحترام تام لمقتضيات القانون. وأبرز أن حصة القطاع الخاص ارتفعت هذه السنة إلى حوالي 12.5%، مقابل تراجع طفيف في مؤسسات التعليم العمومي، واصفا هذا التحول بـ"التحدي الصعب والمعقد".
وأكد ميداوي أن الجامعات العمومية تشتغل داخل منظومة مستقرة، وأن تعزيز مكانتها سيظل محورا أساسيا في النقاش العمومي وفي برامج التطوير. أما فيما يتعلق بالبحث العلمي، فأوضح الوزير أن مشروع القانون الجديد يعتمد آلية موحدة لتمويل البحث، مشددا على أن النهوض بهذا المجال يستوجب توجها وطنيا واضحا والتزاما كاملا من الدولة.
كما أعلن الوزير جاهزية "المخطط المديري" المنصوص عليه في القانون الإطار، مؤكدا أنه سيكون سياسة عمومية مفتوحة للنقاش والإشراك الواسع للفاعلين في الشأن الجامعي، لكنه ربط تفعيله بصدور قانون التعليم العالي، باعتباره الركيزة الأساسية لهذا المخطط.
وكشف أيضا عن إدراج آلية جديدة لتعزيز الحكامة الجامعية، تتمثل في "مراقبة مستقلة" لتقييم أداء رؤساء الجامعات وبرامجهم، تكون منفصلة عن سلطة الوزارة. وأشار إلى أن الإصلاح شرع فعليا قبل صدور القانون، من خلال إطلاق نموذج التعاقد مع الجامعات بناء على مؤشرات واضحة، حيث تم توقيع أول عقد بمدينة العيون في 5 نونبر الماضي.
وختم ميداوي بالإشارة إلى أن الهدف العام هو خلق توازن داخل منظومة التعليم العالي، مستحضرا تجارب دولية مختلفة: ففي الولايات المتحدة تقود الجامعات الخاصة البحث العلمي، بينما تعتمد إنجلترا أساسا على جامعات عمومية برسوم مرتفعة تضمنها الدولة بآليات خاصة. وأكد أن المغرب سيواصل نقاشاته لتطوير القطاع تدريجيا بما ينسجم مع القانون الإطار ويضمن تكوينا ذا جودة لجميع الطلبة.
يوسف وفقير - الرباطاجتاز مشروع قانون المالية لسنة 2026 أولى محطاته داخل مجلس المستشارين، بعدما صادقت لجنة المالية والتخطيط والتنمية...
البوابة بريس - الرباطوصل السفير الأمريكي الجديد لدى المملكة المغربية، ريتشارد ديوك بوكان الثالث، إلى العاصمة الرباط، وذلك بعد أيام...
اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا
كن أول من يعلق على هذا المقال
احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني