يوسف وفقير - الرباط
شهد اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، فصلا جديدا من الجدل الدائر حول صفقات الأدوية، بعدما أعاد رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عبد الله بوانو، فتح ملف تضارب المصالح داخل القطاع الصحي، موجها انتقادات حادة لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، ومؤكدا تشبثه بما طرحه سابقا خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025. النقاش الذي كان من المفترض أن ينصب حول ما أثير بشأن اقتناء الأدوية سرعان ما تحول إلى مواجهة سياسية مباشرة، أعادت إلى الواجهة أسئلة الشفافية والحكامة داخل منظومة الدواء.
بوانو لم يُخفِ نبرته الهجومية، إذ خاطب الوزير قائلا إن "لا مشكل لدينا مع رجال الأعمال، لكن يجب أن يحترموا القانون"، قبل أن يضيف بلغة لا تخلو من الإيحاء السياسي: "أعتذر السيد الوزير، ماعندك زهر معايا، جيتي فالطريق والفيراج". وأوضح أن الإشكال لا يتعلق بشخص الوزير أو حزبه، بل بتركيبة المصالح التي تحيط ببعض الصفقات، مشيرا إلى أن الشركة موضوع النقاش مديرها العام شقيق الوزير، وأن زوجته وابنته ما تزال لديهما أسهم فيها، رغم خروجه الرسمي منها. وقدمت المجموعة النيابية، وفق ما أكده بوانو، معطيات مستخلصة من بوابة الصفقات العمومية تفيد بأن الشركة المذكورة حصلت خلال 2025 على صفقات بلغت 32 مليون درهم، إلى جانب تعاقدات مع المستشفيات الجامعية تراوحت بين 8 و50 مليون درهم، وهو ما اعتبره مؤشرا يستحق التحقيق.
في مقابل هذا الهجوم، اختار وزير الصحة خطابا هادئا يصر على الطابع المؤسساتي للنقاش، مؤكدا أن حضوره أمام اللجنة ليس إجراء شكليا، بل رسالة بأن الوزارة لا تخفي شيئا. وشدد التهراوي على أن جميع الصفقات تعلن مسبقا على البوابة الوطنية وتخضع لرقابة صارمة من المصالح المختصة بوزارة المالية، مما يجعلها، بحسب قوله، بعيدة عن أي "اجتهادات شخصية أو قرارات فردية". كما نفى بشكل قاطع ما أثير بشأن صفقة تزويد السوق بمادة البوتاسيوم، موضحا أنها أُسندت لشركة محلية منتجة في إطار طلب عروض خاضع للقانون، وليس لشركة مستوردة ذات ترخيص مؤقت كما تم تداوله.
الوزير عاد ليضع النقاش في سياقه التشريعي، مبرزا أن تضارب المصالح ورش جماعي لا يخص قطاع الصحة وحده، وأن البرلمان هو الجهة المخولة لبلورته، بينما تظل الإدارة ملتزمة باحترام القوانين الحالية دون استثناءات. وأكد أن إصلاح نظام التراخيص كان بدوره جزءا من توصيات رقابية سابقة، وأن الحكومة عملت على تنفيذها بإحداث الوكالة الوطنية للأدوية والمنتجات الصحية بموجب القانون 22.10، وهي الوكالة التي يعول عليها اليوم لضمان السيادة الدوائية وتطبيق الحكامة التقنية الصارمة، خصوصا بعد التعيين الملكي لمديرها العام.
ورغم محاولات الوزير طمأنة اللجنة، فإن بوانو ظل متشبثا بمطالبه بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، مؤكدا أن القضاء - على الرغم من احترامه له - ليس بديلا عن وظيفة الرقابة البرلمانية. هذه الإشارة نقلت النقاش من منطق "الاتهام والرد" إلى سؤال أكبر يتعلق بتوازن السلط داخل الدولة: من يحق له التحقيق في صفقات تتجاوز قيمتها مليارات الدراهم؟ وهل يكفي الخطاب المؤسساتي لإقناع الرأي العام بأن المنظومة محصنة من تضارب المصالح؟
النقاش كما دار اليوم لم يخرج كثيرا عما أصبح مألوفا في البرلمان: معارضة تتشبث بأدوارها الرقابية وتلوح بالأرقام، وحكومة ترد بتأكيد القوانين والمساطر، بينما الملف نفسه يظل معلَّقا بين خطابين متوازيين لا يلتقيان إلا في القاعة نفسها. وبينما يواصل كل طرف سرد حججه، يبقى السؤال الجوهري في الخلفية: هل نملك فعلا منظومة دواء تدار بالثقة والشفافية الكافيتين، أم أننا ما زلنا أمام ورش مفتوح لا يكفي الخطاب لطمأنة الناس بشأنه؟
وبدا أن هذه الجلسة التي كانت مخصصة لتوضيح "ما أثير حول اقتناء الأدوية" لم تحسم شيئا، لكنها على الأقل كشفت حجم التوتر السياسي الذي يرافق هذا القطاع الحيوي، وأعادت طرح سؤال لطالما ظل بلا جواب واضح: من يربح من صفقات الدواء؟ ومن يخسر؟ وما موقع المواطن في هذه المعادلة التي تتقاطع فيها المصالح الاقتصادية مع الحسابات السياسية؟
أعلنت جمعية الثقة للتنمية النسائية عن الانطلاق الرسمي لمشروع:"من أجل مشاركة سياسية دامجة للنساء القرويات عبر التمكين الرقمي"، وهو مبادرة محلية رائدة...
لقاء تواصلي لحزب الأصالة والمعاصرة بصفرو يعكس التزام الحزب بالتنمية المستدامةاحتضن قصر الزكاني يوم السبت 15 نونبر 2025 لقاء تواصلي...
اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا
كن أول من يعلق على هذا المقال
احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني