الاثنين, 29 سبتمبر 2025
مادة إعلانية

خرجوا عن الصمت ...عندما لا تمتلك الحكومة جوابا عن السؤال الاجتماعي

الاثنين 29 سبتمبر 2025
خرجوا عن الصمت ...عندما لا تمتلك الحكومة جوابا عن السؤال الاجتماعي

وردة احرون-إيموزار كندر

في المغرب اليوم، لا يُطرح سؤال الشباب بوصفه فئة عمرية فقط، بل كقضية سياسية واجتماعية وثقافية تمس جوهر العقد الاجتماعي. فحين يطالب الشباب بحقوقه في الصحة والتعليم والكرامة، لا يواجه فقط صمتًا رسميًا، بل يُقابل أحيانًا بالقمع، بالتشكيك، وبالتخوين. لماذا؟ لأن صوت الشباب يُعيد ترتيب الأولويات، ويُزعج البنية السائدة التي تفضل الطاعة على النقد.

رغم أن الدستور المغربي ينص على الحق في الصحة والتعليم، إلا أن الواقع يكشف عن اختلالات بنيوية: مستشفيات بلا تجهيزات، مدارس بلا رؤية، وسياسات ترقيعية تُدار بمنطق "الحد الأدنى". حين يسائل الشباب هذه المنظومة، لا يجد جوابًا مؤسساتيًا، بل يُتهم بأنه "سلبي"، "ناقم"، أو "غير واقعي". وكأن الاعتراف بالأزمة أصبح جريمة.

 وعي جديد يزعج مدبري الشان العام ببلادنا، فالشباب المغربي لم يعد يرضى بالفتات، ولم يعد يُخدع بالشعارات. أصبح يُميز بين ما هو أساسي وما هو ثانوي، بين الحق المكتسب والامتياز الممنوح. هذا الوعي الجديد لا يُطالب فقط بالخدمات، بل يُطالب بالاعتراف، بالمشاركة، وبإعادة تعريف السياسة كأداة للتغيير لا كآلية للضبط.

لأن انخراط الشباب يُعيد توزيع السلطة الرمزية. حين يحتج، يُتهم بالتمرد. حين يكتب، يُتهم بالتحريض. حين يُطالب، يُتهم بعدم الولاء. وكأن السياسة حكر على النخب، وكأن الديمقراطية لا تحتمل الغضب الشعبي. هذا المنطق يُفرغ السياسة من معناها، ويحوّلها إلى طاعة مؤسساتية بدل أن تكون مشاركة شعبية.

في بعض اللحظات، وقف الإعلام إلى جانب المحتجين، ووثّق تدخلات قمعية، وأعاد الاعتبار للرواية الشعبية. لكنه في لحظات أخرى، مارس التواطؤ الصامت، أو انخرط في خطاب التشويه. هذا التذبذب يعكس أزمة في استقلالية الإعلام، وفي قدرته على لعب دوره كسلطة مضادة.

ما يحتاجه المغرب اليوم ليس فقط إصلاحات تقنية، بل إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، بين المؤسسات والشباب. وهذا لا يتم إلا بالاعتراف بالحق في الغضب، في الاحتجاج، وفي المشاركة. فالشباب لا يُريد أن يُستوعب، بل أن يُحترم. لا يُريد أن يُروض، بل أن يُسمع.

مقالات ذات صلة

عبد اللطيف الجواهري: حارس هيبة الدولة النقدية في مواجهة الضغوط الدولية
كتاب وآراء

عبد اللطيف الجواهري: حارس هيبة الدولة النقدية في مواجهة الضغوط الدولية

بقلم: منصف الادريسي الخمليشيإنه ذلك الرجل الذي خرج من المدرسة التقليدية العريقة، عبد اللطيف الجواهري، الذي أسميه بـ«المحافظ على التيار...

0 تعليقات
واش ناضي؟"... كلمة سرّ ضياع الشباب
كتاب وآراء

واش ناضي؟"... كلمة سرّ ضياع الشباب

بقلم: يوسف وفقيروأنت تتجوّل في أحد شوارع المدينة، متوجها إلى السوق أو الحلاق "أولا غير دايز"، قد تظن أن أقصى...

0 تعليقات

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا

نحن نحترم خصوصيتك. لن نشارك بريدك مع أي طرف ثالث.

تعليقات الزوار (0)

لا توجد تعليقات بعد

كن أول من يعلق على هذا المقال

أضف تعليقًا

سيتم مراجعة تعليقك قبل النشر

اشترك في نشرتنا البريدية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

جميع الحقوق محفوظة لموقع bawabapress.com © 2025
شروط الاستخدام سياسة الخصوصية تم إنشاء وإدارة الموقع بواسطة AppGeniusSARL