يوسف وفقير - الرباط
تحت شعار "خيارات جريئة في ظل التحولات العالمية"، نظم مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد مساء اليوم الاثنين بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات بالرباط، النسخة الثالثة من "الندوة الاقتصادية لإفريقيا 2025"، التي جمعت عددا من الأكاديميين والخبراء وصنّاع السياسات من مختلف دول القارة، في نقاش مفتوح حول تداعيات التحولات الجيو-سياسية على مستقبل الاقتصاد الإفريقي.
في افتتاح الندوة، أعلن كريم العيناوي، الرئيس التنفيذي للمركز، عن تقديم التقرير السنوي السادس حول اقتصاد إفريقيا، مشيرا إلى أن هذا اللقاء لا يقتصر على تبادل المعطيات والتوصيات، بل يشكل فضاء قارا للتفكير الإفريقي الحر والمستقل، يربط بين التحليل العلمي الدقيق وواقع السياسات العمومية في القارة. وأكد العيناوي أن الرهان اليوم هو بناء نموذج جديد لصياغة السياسات يقوم على الدمج الذكي بين المعرفة الأكاديمية والبيانات الميدانية والموهبة، سواء داخل المؤسسات العمومية أو الجامعات ومراكز البحث.
الندوة لم تكن معنية فقط بتشخيص الوضع القائم، بل حاولت الإجابة عن أسئلة معقدة تفرضها المرحلة، من قبيل: كيف يمكن لإفريقيا أن تصمد أمام الضغوط الخارجية المتزايدة؟ وهل يكفي التمسك بالأدوات التقليدية لمواجهة أزمات متعددة تتراكم منذ أكثر من عقد ونصف؟ في هذا السياق، استعرض المتدخلون سلسلة من الأزمات التي تضرب القارة، بدءا بتداعيات جائحة كوفيد التي تحولت من أزمة صحية إلى أزمة اقتصادية، مرورا بتأثير الحروب الجيو-سياسية كالحرب في أوكرانيا وغزة، ووصولا إلى آثار التغير المناخي والاختلالات في سلاسل التوريد العالمية، كلها عوامل ساهمت في ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وتراجع الإيرادات، وازدياد الضغط على الميزانيات العمومية، ما أدى إلى تفاقم أزمات المديونية وتقليص فعالية السياسات النقدية.
الخبير الاقتصادي الغاني إيمانويل أوسو-سيكييري، رئيس مركز التحول الاقتصادي الإفريقي، اعتبر أن واحدة من أكبر اختلالات النموذج الاقتصادي الإفريقي تكمن في اعتماده المستمر على تصدير المواد الخام واستيراد السلع المصنعة، ما يجعل اقتصادات الدول الإفريقية رهينة للصدمات الخارجية وغير قادرة على بناء سيادة إنتاجية داخلية. وأضاف أن الأسواق الداخلية بالقارة تعاني من الهشاشة، في ظل توزيع غير عادل لعائدات النمو، وتأثير مفرط للسياسات الخارجية على التوازنات الداخلية، ما يزيد من هشاشة المجتمعات وتفاوت الفرص.
ولأن البنوك المركزية الإفريقية توجد في قلب هذه الديناميات المتسارعة، فقد دعا أوسو-سيكييري إلى توسيع صلاحياتها لتتجاوز مجرد التحكم في مؤشرات التضخم أو سعر الفائدة، وتلعب أدوارا فاعلة في تمويل التحول الاقتصادي، من خلال الرقمنة وتعزيز الشمول المالي وتطوير أنظمة الدفع والتكنولوجيا المالية. كما شدد على ضرورة التنسيق بين السياسة النقدية والسياسة المالية لتحقيق توافق أكبر بين الأدوات الاقتصادية وأهداف النمو ورفاه الإنسان.
الرسالة العامة التي خرج بها المشاركون في ندوة الرباط كانت واضحة: لا مفر أمام إفريقيا من إعادة التفكير في مسارها الاقتصادي خارج الوصفات الجاهزة والوصاية المؤسساتية، وذلك عبر بلورة خيارات إفريقية حقيقية، جريئة ومستقلة، تنطلق من واقع القارة، وتؤمن بقدرة أبنائها على صياغة مصيرهم بذكاء وتبصر. ورغم صعوبة السياق وتشعب الأزمات، فإن صوتا جديدا بدأ يتبلور، قادما من الجنوب ومن داخل القارة، يرفض الاكتفاء بالتفاعل السلبي مع المتغيرات، ويدعو إلى قيادة التحول، لا انتظاره.
إذا كانت مصلحة المياه والغابات تلعب دورًا هامًا في إدارة الموارد الطبيعية وحماية البيئة، وهي صمام الأمان للمجال الطبيعي وثرواته...
يوسف وفقير - الرباطأعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أن عدد الناجحين في امتحانات نيل شهادة البكالوريا برسم دورة...
اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا
كن أول من يعلق على هذا المقال
احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني