يوسف وفقير - الرباط
أصدرت المحكمة الدستورية قرارين حاسمين، كاشفين عن دورها الحيوي في مراقبة مدى احترام التشريعات والمؤسسات للمقتضيات الدستورية. القرار الأول مسّ مشروع قانون المسطرة المدنية، حيث أعلنت المحكمة عن عدم دستورية عدة مواد أساسية منه، فيما تناول القرار الثاني النظام الداخلي لمجلس النواب، حيث طلبت المحكمة بحذف بعض مقتضياته، وأقرت بدستورية أخرى. وبين القضيتين، تتضح الصرامة المؤسساتية في ضبط حدود السلطة التشريعية والتنفيذية على السواء.
القرار الذي أصدرته المحكمة اليوم الاربعاء يقضي بعدم مطابقة عدد من مواد مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 23.02 للدستور، بعد إحالة رئيس مجلس النواب لهذا المشروع وفقا للفصل 132 من الدستور.
وقد شابت النص مخالفات جوهرية لمبادئ دستورية من قبيل الأمن القضائي، تكافؤ وسائل الدفاع، استقلال السلطة القضائية، ووضوح النص القانوني. من أبرز المواد التي اعتُبرت غير مطابقة:
• المادة 17 (الفقرة الأولى): منحت النيابة العامة صلاحية الطعن في مقررات قضائية نهائية بسبب "النظام العام" دون ضوابط دقيقة، ما اعتبرته المحكمة مسّا بالأمن القضائي.
• المادة 84 (الفقرة الرابعة): سمحت بالتبليغ بناء على "تخمينات"، دون تحقق قانوني كاف، مما يهدد حقوق الدفاع.
• المادة 90 (الفقرة الأخيرة): أغفلت ضمانات الحضور عن بعد، كالقبول الصريح والتأمين الإلكتروني.
• المادتان 107 و364 (الفقرتان الأخيرتان): حرمتا الأطراف من حق التعقيب على ملاحظات المفوض الملكي، وهو إخلال بمبدأ التواجهية.
• المادة 288: تضمنّت إحالة خاطئة على مقتضى لا علاقة له بالموضوع.
• المادة 339 (الفقرة الثانية): حصرت وجوب تعليل القرار في حالة الرفض فقط، وهو ما يخالف مبدأ تعليل الأحكام بصفة عامة.
• المادتان 408 و410 (الفقرتان الأوليان): خولتا لوزير العدل تقديم طلبات قضائية، بما يتنافى واستقلال القضاء.
• المادتان 624 (الفقرة الثانية) و628 (الفقرتان الثالثة والأخيرة): منحتا تدبير النظام المعلوماتي القضائي لوزارة العدل، وهو تدخل في اختصاص السلطة القضائية.
وبالإضافة إلى هذه المواد، شمل القرار مقتضيات فرعية مرتبطة بها مثل المواد 97، 101، 229 وغيرها. وأمرت المحكمة بإبلاغ القرار إلى السلطات المعنية ونشره في الجريدة الرسمية.
وفي قرار آخر صدر تحت رقم 256/25 و.ب، فحصت المحكمة الدستورية التعديلات المدخلة على النظام الداخلي لمجلس النواب، بناء على مقتضيات الفصل 132 من الدستور.
وبعد المداولة، أقرت المحكمة مطابقة عدد من المواد للدستور، وهي: المواد 30، 68، 75، 127، 137، 143، 163، 166، 187، 189، 202، 250، 288، 289، 298 (المقطع الثالث فقط)، 391، 392، 393، 395، و400، مع ملاحظات حول بعض الفقرات من المواد 75، 137، 143، 163، 166، و395.
لكنها في المقابل، اعتبرت:
• الفقرة الأخيرة من المادة 254
• والمقطع الأخير من المادة 298
غير مطابقين للدستور، بسبب عدم انسجامهما مع المبادئ المؤطرةللعمل البرلماني، وقضت بوجوب حذفهما من النص، مع إمكانية استمرار العمل بباقي النظام الداخلي بصيغته المعدّلة بعد حذف المقتضيين المطعون فيهما.
أما باقي مقتضيات المواد المعدلة، والفقرة الأولى من المادة 254، والمقطعين الأول والثاني من المادة 298، فلا مجال لإعادة فحصها، باعتبار أن المحكمة سبق لها أن بتّت فيها.
ويظهرمن خلال هذين القرارين اتساع رقعة تدخل المحكمة الدستورية لتشمل ليس فقط النصوص التشريعية، بل كذلك الأنظمة الداخلية للمؤسسات التمثيلية. وبينما أتى قرارها بخصوص مشروع قانون المسطرة المدنية ليصحّح انزلاقات ذات طابع قضائي ومؤسساتي حساس، فإن فحصها للنظام الداخلي يعيد التأكيد على ضرورة احترام المعايير الدستورية في تنظيم عمل البرلمان ذاته.
وفي الحالتين، تؤكد المحكمة أن الرقابة الدستورية ليست مجرد ممارسة شكلية، بل سلطة فعلية لحماية التوازن بين السلطات، وترسيخ دولة الحق والقانون.
يوسف وفقير - الرباطفي بلد يعتبر فيه البيض الرفيق الصباحي الأول للموائد الشعبية، تحوّل هذا المنتوج البسيط إلى عنوان للأزمة،...
الزوجال محمد رضا-طنجةتعيش منطقة المنبر أو مدشر المنبر التابع للنفود الترابي للعوامة بطنجة كارثة بيئية من خلال العمل العشوائي لشركة النظافة التابعة لتلك المنطقة وذلك بو ضع حاويات...
اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا
كن أول من يعلق على هذا المقال
احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني