بقلم: وردة أحرون
في قلب المدينة، حيث يُفترض أن تتألق الحديقة و أن تحل بأفضل حلة خضراء، تحوّلت حديقة "جنان سبيل" العمومية إلى مشهد فوضوي غير متوقع. قرار إداري من رئيس المجلس الجماعي لإيموزار كندر منح مجموعة من الأشخاص أغلبيتهم من الموالين له رخصًا لعرض منتجاتهم داخل الحديقة، لكن التنفيذ الميداني كشف عن غياب رؤية حضرية واضحة، حيث نُصبت خيام فوق أماكن الغرس والتزيين، وتحوّل الفضاء إلى ما يشبه الأكواخ الريفية، بعيدة كل البعد عن روح المدينة.
الخلل في القرار الإداري قرار منح التراخيص لم يكن خاطئًا في جوهره، لكنه افتقر إلى المعايير التنظيمية التي تراعي الجمالية والوظيفة الاجتماعية للفضاء. فالعشوائية في الفضاءات الحضرية ليست مجرد خلل، بل تعبير عن غياب العدالة المجالية، حيث يُهمّش الجمال لصالح الربح السريع.
فلم تصبح الحديقة كمجال للنقاش العقلاني والتفاعل المدني. وعندما يُستغل هذا الفضاء بشكل عشوائي، يُفقد المواطنون حقهم في التمتع بم مكان مشترك يعكس قيم المواطنة والتمدن.
ما يحدث في هذه الحديقة ليس مجرد مشهد عشوائي، بل انعكاس لسوء فهم الفضاء العام كعنصر أساسي في بناء المدينة الحديثة.
في ظل غياب المرافق الصحية الضرورية داخل الحديقة، يلجأ بعض العارضين للتبول بجانب الجدران، مما يخلّف روائح كريهة تنتهك خصوصية المكان وتُفسد تجربة المرور، كما تُسيء إلى كرامة المواطنين. وإلى جانب ذلك، يُلاحظ انتشار الملابس بشكل عشوائي على الخيام، مما يحوّل النشاط التجاري إلى مشهد أقرب إلى الترحال منه إلى نظام حضري منظم، ويُضعف بذلك رمزية الحديقة كمكانٍ مخصص للراحة البصرية والاستجمام. هذا التشويه العام للمنظر لا يؤثر فقط على الصورة الجمالية للمدينة، بل ينعكس سلبًا على جاذبيتها السياحية وقدرتها على استقطاب الزوار.
الفضاءات العامة تشكّل مسرحًا للتفاعل الرمزي بين الأفراد، حيث تُبنى العلاقات الاجتماعية على أساس الانطباعات والسلوكيات. وعندما يُشوّه هذا المسرح، كما في حالة الحديقة"مياه الحياة" او المعرف لدى الساكنة ب "جنان سبيل"، يُربك النظام الرمزي ويُضعف الإحساس بالانتماء الحضري.
من منظور سوسيولوجي، فإن تشويه الفضاءات العمومية يُضعف الروابط الاجتماعية ويُنتج شعورًا بالاغتراب داخل المدينة نفسها. لذا، فإن إعادة الاعتبار لهذه الفضاءات يتطلب رؤية حضرية تشاركية تُعيد للمدينة روحها.
يوسف وفقير - الرباطفي بلد يعتبر فيه البيض الرفيق الصباحي الأول للموائد الشعبية، تحوّل هذا المنتوج البسيط إلى عنوان للأزمة،...
يوسف وفقير - الرباطأصدرت المحكمة الدستورية قرارين حاسمين، كاشفين عن دورها الحيوي في مراقبة مدى احترام التشريعات والمؤسسات للمقتضيات الدستورية....
اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا
كن أول من يعلق على هذا المقال
احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني