يوسف وفقير-الرباط
قد تكون لحظة ميلاد "مؤسسة المغرب 2030" لحظة تقنية في ظاهرها، لكنها في العمق كانت لحظة سياسية بامتياز، كشفت عن طبيعة التوازنات داخل المشهد البرلماني، وقدرة الملفات الكبرى على إذابة الفوارق الإيديولوجية والحزبية، حين يصبح المشروع شأنا وطنيا لا مجال فيه للمزايدات.
في اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الذي خصص لمناقشة مشروع القانون رقم 35.25 المتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"، غابت الخلافات التقليدية بين الأغلبية والمعارضة، في مشهد توافق نادر. توافق جاء من قناعة بأن المشروع يعلو على الاصطفاف السياسي، ويستدعي حدا أدنى من الانسجام البرلماني.
مشروع ملكي للجميع
الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، قدم عرضا مفصلا أكد فيه أن "مؤسسة المغرب 2030" ليست مجرد هيكل إداري، بل أداة لتنفيذ التوجيهات الملكية الرامية إلى الإعداد المحكم للتظاهرات الكبرى، على رأسها مونديال 2030، في إطار تنسيق واسع بين القطاعات الحكومية، والسلطات الترابية، ومختلف الفاعلين.
هذا الطابع الملكي للمشروع كان دافعا لخلق إجماع وطني، لأن القضية ليست شأن حكومة أو معارضة، بل قضية مغرب يراهن على تعزيز حضوره الدولي، وتثبيت موقعه ضمن الدول القادرة على التنظيم والتأثير.
ففي مداخلاتهم، عبر نواب المعارضة عن دعمهم للمشروع، لكنهم لم يتخلوا عن مسؤوليتهم الرقابية والنقدية. فقد شدد رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، على أهمية أن يستفيد كل المغاربة من آثار هذا المشروع، داعيا إلى العدالة المجالية وعدم حصر الاستثمارات والبنيات في المدن المحتضنة للمباريات.
بدوره، اعتبر عمر أعنان عن الفريق الاشتراكي أن المشروع يحمل بعدا رياضيا وتنمويا في الآن ذاته، ويتطلب انخراطا مؤسساتيا قويا. أما عبد الله بوانو، عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، فقد طرح تساؤلات حول الشكل القانوني للمؤسسة، واقترح إعادة النظر في تسميتها بما ينسجم مع رمزية اللحظة وامتدادها الوطني.
اللافت في هذا المشهد البرلماني هو أن المعارضة، رغم تباين رؤاها مع الحكومة في ملفات عديدة، اختارت الانخراط في مشروع تراه استراتيجيا، وتُدرك أن نجاحه سيكون نجاحا للدولة بكل مؤسساتها، لا لطرف دون آخر.
هذا التوافق لا يُفهم باعتباره مسايرة لنهج الأغلبية في التعاطي مع القضايا الراهنة، بل إعادة تموقع ذكية، تدرك فيها المعارضة أن بعض المحطات تتطلب من الجميع الترفع عن الحسابات الضيقة.
التحدي لم يكن في تمرير القانون، بل سيبدأ مع تنزيل المشروع على الأرض، فمؤسسة بهذا الحجم تتطلب شفافية وكفاءة وآليات تدبير حديثة، كما تتطلب قدرة على إيصال ثمار التظاهرات الكبرى إلى المواطن، لا أن تظل حبيسة الشاشات والبروتوكولات.
وإذا كان هذا التوافق قد أعاد شيئا من الثقة في القدرة على الاتحاد خلف المشاريع الكبرى، فإن الأهم هو أن نحسن إدارة هذه اللحظات، كي لا تكون مجرد استثناء في مشهد سياسي غالبا ما تحكمه الحزبية والتجاذب.
يوسف وفقير - الرباطأعلنت الحكومة، اليوم الخميس، عن إحداث مؤسسة وطنية جديدة تحمل اسم "المغرب 2030"، تُعهد إليها مهمة الإشراف على...
عقدت الجامعة الملكية المغربية للغولف، يومه الاثنين بالرباط، جمعها العام الاستثنائي، تحت الرئاسة الفعلية لصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد،...
اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا
كن أول من يعلق على هذا المقال
احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني