الأحد, 21 ديسمبر 2025
مادة إعلانية

السياسة الدوائية بين "الولوج العادل" وواقع السوق: أي دور لوكالة الأدوية في كبح الغلاء وتضارب المصالح؟

الأربعاء 17 ديسمبر 2025
السياسة الدوائية بين "الولوج العادل" وواقع السوق: أي دور لوكالة الأدوية في كبح الغلاء وتضارب المصالح؟

يوسف وفقير - الرباط

عقدت الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، اليوم الأربعاء بالرباط، الدورة الثانية لمجلسها الإداري برئاسة وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، في وقت تتزايد فيه الانتقادات الموجهة للسياسة الدوائية، على خلفية استمرار ارتفاع أسعار الأدوية، وضعف التعويضات الصحية، واتساع الفجوة بين الخطاب الرسمي وواقع السوق.

وخلال هذا الاجتماع، ناقش المجلس ما وصف بمحاور استراتيجية تتعلق بتتبع السوق وتعزيز آليات المراقبة الاستباقية، والتنسيق بين مختلف المتدخلين لضمان الاستجابة السريعة لأي اختلالات محتملة في سلاسل التزويد. كما تم تقديم حصيلة منجزات سنة 2025، واستعراض التقرير السنوي للتسيير، إلى جانب برنامج عمل 2026 والبرامج التوقعية للفترة 2026–2028، فضلا عن الميزانية المقترحة للسنة المقبلة، وهي معطيات تقنية تطرح بشأنها تساؤلات حول أثرها الفعلي على جيوب المواطنين، لا على توازنات المؤسسات فقط.

وفي سياق الحديث عن الحكامة، تداول المجلس إحداث لجنة للتدقيق الداخلي، في خطوة قدمت على أنها تروم تعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. غير أن متابعين للشأن الصحي يعتبرون أن الإشكال لا يكمن فقط في آليات المراقبة الإدارية، بل في طبيعة العلاقات المتشابكة بين القرار العمومي والمصالح الاقتصادية داخل قطاع الدواء، حيث يثار باستمرار ملف تضارب المصالح، وامتلاك بعض المسؤولين أو المقربين منهم لشركات تشتغل في مجال صناعة أو توزيع الأدوية، وتستفيد من صفقات عمومية مربحة.

وفي كلمته بالمناسبة، أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أن الوكالة تضطلع بمهمة استراتيجية تتمثل في ضمان جودة وسلامة وإتاحة الأدوية والمنتجات الصحية، مشددا على أن هذا الورش ينسجم مع الرؤية الرامية إلى تعزيز السيادة الصحية وترسيخ ثقة المواطن. غير أن هذا الخطاب يصطدم بواقع يعيشه المرضى يوميا، حيث لا يزال "الولوج العادل للدواء" شعارا أكثر منه ممارسة، في ظل أسعار مرتفعة تجعل عددا من العلاجات الأساسية خارج متناول فئات واسعة من المغاربة.

ويسجل في هذا الإطار أن ضعف التعويضات التي يوفرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يزيد من حدة الأزمة، إذ يجد المواطن نفسه مضطرا إلى اقتناء أدوية باهظة الثمن، دون أن تعكس التعويضات الممنوحة الكلفة الحقيقية للعلاج، ما يحول المرض في كثير من الحالات إلى عبء اقتصادي ثقيل، ويطرح علامات استفهام حول جدوى الإصلاحات المعلنة إذا لم تنعكس مباشرة على الحق في العلاج.

وبخصوص آفاق سنة 2026، أوضح الوزير أن التوجه يتمثل في تثمين المكتسبات، وتحسين نجاعة المساطر، وتسريع الرقمنة، والانخراط التدريجي في جهوية الخدمات، مع تعزيز الملاءمة مع المعايير الدولية. غير أن هذه الأهداف، في نظر مهنيين وفاعلين مدنيين، تظل رهينة بوجود إرادة سياسية حقيقية لفصل المصلحة العامة عن منطق الربح، وضمان استقلالية القرار الدوائي عن نفوذ لوبيات الصناعة والتوزيع.

من جهته، اعتبر مدير الوكالة، سمير أحيد، أن الاجتماع شكل فرصة لتسليط الضوء على التقدم المحرز في تفعيل الأوراش الهيكلية لسنة 2025، خاصة في مجالات الحكامة وتنظيم القطاع الصيدلي، مشيرا إلى نتائج وصفت بالمشجعة على مستوى تبسيط المساطر ومواكبة الفاعلين. غير أن السؤال الجوهري، الذي لم تتم الإجابة عنه بعد، يظل مرتبطا بمدى انعكاس هذه الإجراءات على أسعار الدواء، لا على تسهيل عمل الفاعلين الكبار في السوق.

وتبقى الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية أمام اختبار حقيقي، في ظل تصاعد الانتظارات الاجتماعية: إما أن تتحول إلى آلية فعالة لضبط السوق، ومراقبة الأسعار، وحماية الحق الدستوري في العلاج، أو أن تظل مجرد إطار تنظيمي يراكم البرامج والتقارير، بينما يستمر المواطن في دفع ثمن دواء باهظ، بتعويضات محدودة، وسياسة دوائية تثير أسئلة أكثر مما تقدم أجوبة.

مقالات ذات صلة

وزارة التعليم العالي تحث الجامعات على تسهيل ولوج الطلبة الأفارقة وتعزيز الدبلوماسية الأكاديمية
مجتمع

وزارة التعليم العالي تحث الجامعات على تسهيل ولوج الطلبة الأفارقة وتعزيز الدبلوماسية الأكاديمية

البوابة بريس- الرباطدعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار رؤساء الجامعات المغربية إلى اتخاذ تدابير عاجلة لتيسير ولوج الطلبة الأفارقة...

0 تعليقات
التساقطات الثلجية.. حين يتحوّل الثلج إلى اختبار للوعي الجماعي في إيموزار كندر
مجتمع

التساقطات الثلجية.. حين يتحوّل الثلج إلى اختبار للوعي الجماعي في إيموزار كندر

وردة أحرون-إيموزار كندرإن مشكلة غياب ثقافة استعمال الفضاء المشترك، وغياب الإحساس بأن هذا المكان ملك للجميع، وأن حريتنا في اللعب...

0 تعليقات

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا

نحن نحترم خصوصيتك. لن نشارك بريدك مع أي طرف ثالث.

تعليقات الزوار (0)

لا توجد تعليقات بعد

كن أول من يعلق على هذا المقال

أضف تعليقًا

سيتم مراجعة تعليقك قبل النشر

أحدث الأخبار

رسميا.. إقامة كأس أمم إفريقيا مرة كل أربع سنوات انطلاقا من 2028

منذ 11 ساعة

اللجنة المنظمة لكاس أفريقيا تحدد موعد الافتتاح

منذ يوم

توقيف شاب بآسفي لنشره أخبارًا زائفة حول حصيلة ضحايا الفيضانات

منذ يوم

النيابة العامة تشدد على الفحص الطبي الإجباري للموقوفين وتبطل الاعترافات المنتزعة تحت العنف

منذ يوم

نهائي للتاريخ في لوسيل.. المنتخب المغربي الرديف يتوج بكأس العرب 2025 بعد ملحمة أمام الأردن

منذ يومين

المجلس الحكومي يصادق على زيادة بـ5% في الحد الأدنى للأجور ابتداء من 2026

منذ يومين

الرياضة بالمغرب: إنجازات كبيرة… لكن التحديات البنيوية والجهوية لا تزال قائمة

منذ يومين

لجنة برلمانية تمرر بالأغلبية مشروع قانون التعليم العالي وسط جدل حول المجانية والحوكمة

منذ يومين

التساقطات الثلجية.. حين يتحوّل الثلج إلى اختبار للوعي الجماعي في إيموزار كندر

منذ 3 أيام

انهيار سور قديم بسلا يُخلف خسائر مادية ويعيد الجدل حول صيانة البنايات الآيلة للسقوط

منذ 3 أيام

اشترك في نشرتنا البريدية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

جميع الحقوق محفوظة لموقع bawabapress.com © 2025
شروط الاستخدام سياسة الخصوصية تم إنشاء وإدارة الموقع بواسطة AppGeniusSARL