اضطرتهن ظروف العيش القاسية إلى الخروج كل فجر بحثا عن عمل في الحقول الفلاحية، نساء يخفين تحت اللثام معاناة السنين، يحملن زادهن البسيط لسد رمقهن طوال يوم عمل شاق إذا سنحت لهم الفرصة للإشتغال في ضيعات التفاح،الخوخ وبعض أنواع الخضروات .. مقابل دريهمات عند الغروب تنسيهن التعب ويسدون بها رمق الجوع الذي لم يتخيلوا يوما أنهم سيعشيون ويلاته.
بالإضافة إلى الظروف القاسية و المزرية و الخطيرة التي يتم فيها نقل العاملات في القطاع الفلاحي في شاحنات محملة بالعشرات منهن تزداد متاعبهن أثناء عملية النقل السيئة فهن يتنقلن بأعداد كبير ة من “الموقف” إلى المزارع في شاحنات صغيرة وفي حالة ميكانيكية سيئة للغاية مما يعرضهن للخطر .
معاناة النساء العاملات في الفلاحة لا يقتصر فقط على ظروف التنقل القاسية فقط ،بل تزداد معاناتهن من قساوة الطقس خاصة وأنهن يقضين ساعات طوال تحت أشعة الشمس في الصيف فتجدهن يتصببن عرقا، وفي الشتاء يعانين من البرد القارس والرياح التي تملأ عيونهن ترابا بالإضافة إلى تـاثير المبيدات الحشرية و الكيماوية المستخدمة في الحقول الزراعية ، لكنهن يبقين صامدات من أجل كسب قوتهن بعرق جبينهن.
تزداد محن عاملات الحقول تأزما كذالك،فبعضهن يتعرض للتحرش الجنسي في تواطؤ بين المشرف على العاملات “الكبران” وصاحب الضيعة الفلاحية وأولاده أحيانا وحتى العاملين من الرجال في المزرعة أو المتسكعين في موقف العمل، المكان الذي يقبل عليه الفلاحون كل صباح لنقل المزارعات إلى الضيعات.
وتبدأ حكاية التحرش من موقف العمل إذ يعمد الفلاح أو المسؤول عن العاملات على اختيار بعض الفتيات لغاية في نفس يعقوب، ولكن الفلاح ينسى أن هؤلاء النساء اخترن العمل الفلاحي الشاق وفضلنه على العمل في البيوت كمعينات منزليات أو الانحراف وممارسة الرذيلة، لأن كرامتهن أهم لديهن من المال.
وعادة ما تنتهي بعض عمليات التحرش برد قاس من المزارعة لتطرد على إثرها أو في اليوم التالي، بل قد يقتطع صاحب العمل أجرة اليوم كعقاب على صده وفضح أمره وسط العاملات.
فالعديد من الفتيات يخفين أسرار استغلالهن خوفا على لقمة العيش فأغلبهن مسؤولات عن إعالة عائلاتهم و أحيانا التكفل بمصاريف علاج أفراد الأسرة..
ورغم ما تعانيه النساء من تحرش ونظرة المجتمع الدونية والأجور المتدنية، تبقى هذه المهنة مهنة العفاف والكفاف، خاصة بالنسبة إلى الفتيات اللاتي لم يواصلن دراستهن، أو من لم يتعلمن حرفة أخرى تقيهن غوائل الدهر.