تونس بلد متفرد في الرقعة العربية. يعود الفضل في هذا التفرد لرجل موسوعي درس القانون والفلسفة والدين واللغات فكان بعقل كبير ومفتوح ( The beautiful Mind).
هذا الرجل هو الحبيب بورقيبة الذي درس جيدا حركة التاريخ واستلهم من ثوراتها وأحداثها الكبرى.
كان بورقيبة متأثرا جدا بحركتين ثلاث ويبدو أن هذه الخركات أثرت ليس فقط في تكوينه ولكن أيضا في فلسفته في الحكم.
درس جيدا بورقيبة الفلسفة الألمانية ولا سيما فلسفة الروح والتاريخ عند هيجل، وعاب عن الفلسفة الفرنسية ميلها إلى “البرجزة” وإن كان ديكارتيا في تحليله وفي أفقه.
ومثل جيله من الوطنيين كان بورقيبة متأثرا بالحركات الثورية في أمريكا اللاتينية خصوصا، وربما ساعدته لقاءاته مع قادة التحرير الأممي في استخلاص نموذج للثورية التونسية.
ولهذا توجه مبكرا لتدريس الفتاة التونسية و دفع المراة لسوق الشغل و وضع دستور والرهان على القانون أكثر من الرهان على الأعراف.
ما قام به الرئيس الباجي السبسي هو امتداد طبيعي لما حدث في تونس في السنوات الأولى لإستقلالها من سعي للدولة والمجتمع التونسيين للتحرر من إرث شبه الجزيرة العربية العامر بالعادات والتقاليد و الميثولوجيا.
ومن جهة أخرى ما قام به السبسي ليس إلا تنفيذا لمقتضيات الدستور الذي وضعته لجنة مستقلة تمثل كل المرجعيات السياسية من علمانيين و ليبراليين واسلاميين وسلفيين بتونس، وصوت عليه الشعب التونسي بنسب تصويت عالية.
في كلمته التوجيهية للبرلمان قال الرئيس الباجي السبسي:
” لقد ألزمتنا اللجنة المستقلة لوضع الدستور والتي صوت عليها الشعب التونسي العظيم، وألزمنا هذا الشعب بتصويته على هذا الدستور، بأن ننفذ ما تم الاستفتاء عليه.
لقد نص هذا الدستور على ان القانون هو الفيصل وليس أي مرجع آخر، وعليه فالشعب التونسي ارتضى الدولة المدنية”..
تونس في طريق تحرير الناس من الميثولوجيا والكهنوت.