لو خمنا قليلا في أصل تسمية الوزارة بوزارة التربية الوطنية و التعليم سنجد أن لتسبيق الفعل التربوي عن الفعل التعليمي مقاصد سامية كان يعتمد بها سلفا و لم نعد نراها في الآونة الأخيرة إن لم نقل أن الفعل التربوي اندثر بالكامل و لم يعد سوى شعارا لمؤسسات تحمل اسم مؤسسات التربية و التعليم، فالتربية في معظم المدارس و المذاهب الفلسفية رغم اختلاف وجهات نظرها إلى أن جلها تلتقي في نقطة الإصلاح و الرقي ببني البشر فرادى أو جماعات، فالتربية من منظور أفلاطون؛ هي أن تضفي على الجسم والنّفس كل جمال وكمال ممكن لها، و مفهوم التربية عند هيربرت سبينسر هي إعداد الفرد ليحيى حياة كاملة، و كذلك رائد التربية جود ديوي يقول أن التربية هي الحياة، و التربية كذلك هي العمل المقصود و المنسق الهادف إلى نقل المعرفة وتكوين الانسان عن طريق خلق تفاعلات إيجابية لبلوغ النضج و الكمال مدى الحياة.
فأين نحن من التربية في واقعة خريبكة و برشيد و الأساتذة المشرملين …؟
لو بحثنا كم من مهندس و كم من إطار تتلمذ على يد العويبي فبلا شك سنجد أن قصة العويبي “المصطنعة” في نهاية عقده الخامس، نهاية للتربية نهاية للتعليم، قسمات وجهك و إهانتك يا حفيد الجبر وصمة عار ستبقى محفورة على جبين رعاة (التربية و التعليم) في بلد اسمه المغرب …
بلا شك أنك ستعود للفصل محطما مكسورا، ستعود ومعك تجربة الأمس القريب المريرة التي ضحدت تجارب الأمس البعيد، فتكتفي عند كل مقدمة حصة بمقولة “ومن لغى فذاك شأنه ولا شأن لي في ذلك”، ستعود دون أن تطرح أسئلة الحصة السابقة لتقييم و تقويم التعلمات، ستعود و تسجل أسماء الغائبين و تلقي الدرس أو ربما ستكتفي بتدوينه، بدماء باردة و قلب باك، على اللوح اللعين جاعلا في أعلى اليسار “لي بغا يقرا يقرا ولي مابغاش…” عنوانا بارزا عريضا بعد أن مسحت الواقعة المقيتة قوام ما كان مدونا في السابق على أعلى اليمين من غيرة و حب للمهنة ومبادئ الإصلاح و تكوين و تنشئة أجيال ستحمل مشعل المستقبل، و ستعود دون اكثرات لما يدور في الفصل حتى و إن نشب خلاف داخل الفصل ستستدعي الإدارة التي تنبذ العنف المادي لتدبر أمرها في ذلك ناسية و متناسية أنها تمارس عنفا أخطر بكثير مما هو متوقع، عنف رمزي يقزم من دور المعلم داخل العملية التعليمية التعلمية و المنظومة التربوية بصفة عامة، و عنف فكري يحرض و يشجع المتعلم على الإخلال بأساسيات الفعل التعلمي و ينمي الطغيان الأهوج و الأعوج لذى المتعلم بالتالي خلق البلبلة و الفتنة داخل الوسط التربوي و الزيغ عن المسار الصحيح للتربية و التعليم..
و ستعود و لن تعود كما كنت في السابق …
في الحقيقة و أية حقيقة، ماكان للقضية أن تصل إلى هذا الحد لو أجابت الوزارة و الإدارة و المديرية بصدق و جدية عن دور خلايا الإنصات و الوساطة التربوية؟ أهي محدثة فعلا؟ و عن دور للمجالس التأذيبية داخل المؤسسات كذلك و هل هي محدثة أيضا؟ أم أنها ستبقى حبررا على ورق كما تم سنها في الميثاق الوطني للتربية و التعليم منذ سنة 2002؟