يوسف قصو
يوحي مفهوم المواطنة حسب المنظور العامي الشائع بتلك الأبعاد السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و حضور الأفراد و انتمائهم لبلد معين و التمتع بالحقوق مع ضرورة احترام القانون .
لكن هل هذه هي المواطنة ؟
أكيد أنه حسب هذا المنظور العامي هناك نوع من التقزيم في المعنى الجوهري للمواطنة و المواطنة التي نحن بحاجة ماسة إليها و إلى حضورها و انصهارها بين أفراد مجتمعاتنا التي تطمح إلى غد أفضل ، فغالبية مجتمعاتنا يمكن أن نقول عنها أنها تضم مواطنين بدون مواطنة ، وهذا راجع بالأساس إلى أبعاد الجانب الأخلاقي عن معنى المواطنة و إلى تغييب الدور اجتماعي و ثقافة التكافل و التضامن و إقصاء مفهوم الواجب عن معناها أيضا . فصرنا نظن أن “قشور المواطنة” أو تلك الحقوق المقدمة لنا بمجرد حصولنا على اعتراف بالانتماء إلى وطن ما ، هي مواطنة في حد ذاتها . و هذا ما يجعلنا نتساءل عن أسباب فقداننا للمواطنة و كيف ستتحقق ؟
سنسترجع مواطنتنا التي فقدناها بسبب تداخل عوامل عدة انطلاقا من المشاكل المترتبة عن عدم أداء مؤسسات التنشئة الاجتماعية لأدوارها الحقيقية ، و التناقض الحاصل بين واقع مجتمعاتنا و تطلعات أفرادها التي يسود تفكيرها منطق الثراء الفردي و السريع و النظر إلى الحياة من الزاوية المادية و عدم الإقرار بوجود الرأي و الرأي الآخر و العصبية الطبقية و القبلية و غياب التسامح و التآخي بين فئات مجتمعاتنا و أيضا الابتعاد عما جاء به الدين الحنيف .
سنسترجع مواطنتنا لما تتغير نظرة أفراد مجتمعاتنا تجاه الأعمال الإنسانية من أعمال خير إلى أعمال واجب و ضرورة والقيام بها أمر يسري في دماء أفراد مجتمعاتنا ، سنسترجع مواطنتنا لما يؤدي مسؤولونا أدوارهم و مهامهم كواجبات وليس كهدايا يقدمونها للمواطنين ، سنسترجع مواطنتنا لما تسقط الأنانية الفردية لتسود المصلحة المجتمعية العامة و لما يضمحل التعصب و يحل محله الاختلاف من اجل الائتلاف ، و سنسترجع مواطنتنا لما تتحقق العدالة الاجتماعية و لما نرقى بالمشاركة في رفع مستوى مجتمعاتنا عن طريق العمل الجاد و المعقول كل من مكانه .